أصل ومعنى الاسم العربي عيسى

من المعروف أن الله أوحى إلى كُتاب الإنجيل أن يُسجلوه باللغة اليونانية. ولما تردد يوسف خطيب مريم لأن خطيبته كانت حبلى من غير اتصال برجل، قال له الملاك إنها حبلى من الروح القدوس. وأمَرَ يوسف بتسمية الطفل. وسنذكر هنا الكلام الذي قاله الملاك بشأن هذه التسمية، وسنضع الاسم كما هو موحى به في اليونانية مع نُطْقِهِ بالعربية. 
قال الملاك ليوسف إن مريم، ”سَتَلِدُ ابْنًا وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ Ἰησοῦν (إيسو) لِأَنَّهُ سَيُنْقِذُ شَعْبَهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ“ (بشارة متّى 2‏:21).
معظم الترجمات العربية استخدمت اسم فادينا المبارك ”يسوع“ نقلا عن الترجمة السريانية ”يشوع“ وهو مأخوذ عن الاسم العبري. أما الاسم ”عيسى“ وهو المألوف بالنسبة لكل من يعرف العربية، فواضح أنه قريب من الاسم اليوناني. لذلك تستخدمه هذه الترجمة. 
وهناك دلائل على أن اسم عيسى كان هو المستعمل عند قبيلة بني غسان الذين أسسوا مملكة عربية مسيحية في بلاد الشام دامت أكثر من 4 قرون حتى أنهاها الفتح الإسلامي. من هذه الدلائل: 
1. أنه وُجد دير في تلك المنطقة منذ قبل الإسلام كان يُعرف باسم العيسانية. أي دير أتباع عيسى. وهذا يبين أن اسم عيسى كان يستخدمه المسيحيون الناطقون بالعربية في بلاد الشام قبل ظهور الإسلام. 
2. كما وُجدت صلاة تُرفع إلى عيسى المسيح في تلك المنطقة منقوشة بخط عربي لم يعد يُستخدم بعد القرن الرابع. 
أي إن كل هذا كان قبل سنة 400م.

لكن ما هو معنى هذا الاسم؟ 

في اللغة العبرية يعني الإنقاذ أو المنقذ. والمعنى هو أن الله أرسل المسيح لكي ينقذنا بأن يفدينا من الخطيئة، ويغفر ذنوبنا، ويُصلح طبيعتنا بروحه القدوس، ويأتي بنا إلى الحرية، ويُجهزنا لحياة الخلود في الجنة. وهذا هو معنى اسمه ”المنقذ.“

من أين جاء الاسم عيسى؟

في القرون الأولى بعد المسيح، كان هناك عدد من الممالك العربية الصغيرة في سوريا والجزيرة العربية، ولكل منها لهجتها العربية الخاصة. وانتشرت قصص من الكتاب المقدس في تلك الممالك. فجاء بعضها عن طريق من يتحدثون باليونانية، والبعض الآخر عن طريق من يتحدثون بالسريانية. 
ونتيجة لهذا اختلفت بعض الأسماء. فيستخدم القرآن بعض الأسماء اليونانية، ولكن في الغالب أسماء سريانية. كانت الترجمات العربية للعهد الجديد متنوعة في البداية ولكنها استخدمت في النهاية أسماء سريانية. 
كمثال للأسماء القرآنية ذات الأصل اليوناني، نذكر إلياس (إيليا)، جبريل (جبرائيل)، إبليس (ديابولوس، الشيطان)، يونس (يونان)، وكما هو موضح هنا، اسم عيسى (يسوع). 
ولهذا أيضا نقول إنه من المحتمل أن كلا الاسمين يسوع وعيسى كانا مستخدمين في المجتمعات الناطقة بالعربية المختلفة، اعتمادًا على ما إذا كانوا على اتصال بالمسيحيين الناطقين باليونانية أو المسيحيين الناطقين بالسريانية.

اعتراضات على الاسم عيسى

1. يظن البعض أن الاسم عيسى يشبه الاسم العيص أو عيسو، وقد اخترعه المسلمين ليكون تحقيرا من جانبهم للمسيح. وهذا الظن لا أساس له من الصحة. أولا، لأن الاسم عيسى كما أوضحنا كان مستعملا قبل الإسلام بقرون. وثانيا، نحن نعرف أن القرآن يعطي سيدنا ومولانا عيسى مرتبة فوق كل الأنبياء، فكيف يحتقره المسلم؟ 
2. يزعم بعض النقاد أن اسم عيسى هو كلمة شتيمة. لكن هذا غير صحيح ولو كان هذا الاسم شتيمة في اللغة العربية، لماذا يطلقه العرب على أبنائهم؟ ثم لماذا يستخدمه المتحدثون باللغات الأخرى نسبةً إلى المسيح. هذا الاعتراض هو مجرد افتراء يختلقه التحيز. 
3. البعض يدَّعي أن الاسم عيسى مرتبط بالمفهوم الإسلامي للمسيح ولا يمكن إعادة تشكيله من خلال قراءة الإنجيل، لكن هذا ليس صحيحًا. ومن الواضح أن المسيحيين الناطقين باللغات التركية والكردية والفارسية والباشتو لا يؤمنون بهذا، لأنهم يستخدمون الاسم عيسى. ثم إن هناك لغات أخرى كثيرة يستخدم فيها المسيحيون الاسم عيسى كاسم متعارف عليه للمسيح. فهم يستخدمون هذا الاسم في ترجماتهم للإنجيل ويفهمون من هو المسيح من الإنجيل. 
ومن المهم ملاحظة أن استخدام اسم ما او تعبير ما بين الأديان المختلفة، لا يعني أنها كلها تتفق على مفهوم هذا الاسم أو التعبير. فمثلا، مفهوم المسلم عن الله يختلف جدًّا عن المفهوم المسيحي. والمفهوم القرآني عن المسيح يختلف جذريا عن المفهوم الإنجيلي لهذا الاسم. ومع ذلك يستخدمون نفس الأسماء. إذن تغيير الاسم لا يغير مفهوم الشخص عن شخص يحمل هذا الاسم. بل ما يغير المفهوم هو الحصول على المعلومات الصحيحة عن الشخص الذي يحمل هذا الاسم. 
4. يعتقد البعض أن استخدام اسم عيسى بدلا من يسوع سيسمح للمسلم بأن ينادي بأن المسيحيين حرَّفوا الإنجيل. لكن الواقع هو عكس هذا، فإن استخدام الاسم عيسى يساعد المسلم ليفهم الإنجيل، ويُشجع على الإيمان بهذا الفادي المحب. 
5. يظن البعض أنه بما أن الاسم يسوع في العربية يعني الله يُنقذ، فإن هذا المعنى يضيع إن استخدمنا عيسى. لكن الحقيقة هي أن المعنى المقصود هو في الاسم العبري فقط. أما الاسم الذي يُترجم هذا إليه في العربية، سواء يسوع أو عيسى، فلا يعني الله يُنقذ. معنى هذا الكلام أنه لا يوجد فعل في اللغة العربية هو يسوع بمعنى الله يُنقذ. فمثلا بينما أنت تمشي في الشارع، وقع شخص في حفرة، فهل يصرخ إليك ويقول، "يسوعي،" أم يقول، "أنقذني"؟ فمعنى الاسم مرتبط فقط باللغة العبرية، أما ترجمته في اللغات الأخرى فهي إشارة إلى معناه في الأصل. إذن سواء عيسى أو يسوع يؤدي نفس الغرض.

أفكار ختامية

1. هناك ملايين من المسيحيين غير العرب الذين يستخدمون الاسم عيسى للتعبير عن سيدنا وربنا ومولانا الفادي المبارك. فالاسم عيسى هو الوحيد عندهم. ما هي هذه اللغات التي تستعمل الاسم عيسى فقط؟ ذكرنا من قبل على سبيل المثال التركية والكردية والفارسية والباشتو وقائمة طويلة من لغات أخرى. ولذلك فإن أي اعتبار سلبي لهذا الاسم يُسيء إلى ملايين من المسيحيين الذين يستخدمونه. 

2. كل من اسم عيسى ويسوع صحيح ويمكن استخدامه حسب متطلبات البيئة. 

3. بالإضافة إلى اللغات التي ذكرناها، فإن المؤمنين بالمسيح الذين يتكلمون اللغات التالية يستخدمون الاسم عيسى: السوندانية، الأوزبكية، السندية، الأويغورية، الصومالية، المادورية، الهوي، الكازاخستانية، الدارية، السورانية الكردية، الطاجيكية، مينغانكابو، الولوف، التركمان، البلوش، التتار، البولار ( فولا)، كورمانجي-كردي، البنجر، أشينيز، كانوري، جيلاكي، براهوي، ساساك، ماكاسار سياوو، فولفولدي أداماوا، سونينكي، هزارجي، لامبونج، بهديني كردي، ريفي بربر، سوسو الشيشانية، باتاني مالاي، فولفولدي بوركينا، جورونتالو فولاني (ماسينا). 

تشجيعكم له قيمة عظيمة بالنسبة لنا

القصص الشخصية التي تشاركها معنا تجعل مواقع مثل هذه ناجعة.